سورة التكوير - تفسير تفسير الزمخشري

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (التكوير)


        


{وَمَا صَاحِبُكُمْ بِمَجْنُونٍ (22)}
{وَمَا صَاحِبُكُم} يعني: محمداً صلى الله عليه وسلم {بِمَجْنُونٍ} كما تبهته الكفرة، وناهيك بهذا دليًلا على جلالة مكان جبريل عليه السلام وفضله على الملائكة، ومباينة منزلته لمنزلة أفضل الإنس محمد صلى الله عليه وسلم، إذا وازنت بين الذكرين حين قرن بينهما، وقايست بين قوله: {إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ ذِى قُوَّةٍ عِندَ ذِى العرش مَكِينٍ مُّطَاعٍ ثَمَّ أَمِينٍ} وبين قوله: {وَمَا صَاحِبُكُم بِمَجْنُونٍ}.


{وَلَقَدْ رَآَهُ بِالْأُفُقِ الْمُبِينِ (23) وَمَا هُوَ عَلَى الْغَيْبِ بِضَنِينٍ (24) وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَيْطَانٍ رَجِيمٍ (25)}
{وَلَقَدْ رَءَاهُ} ولقد رأى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم جبريل {بالأفق المبين} بمطلع الشمس الأعلى {وَمَا هُوَ} وما محمد على ما يخبر به من الغيب من رؤية جبريل والوحي إليه وغير ذلك {بِضَنِينٍ} بمتهم من الظنة وهي التهمة وقرئ {بضنين} من الضنّ وهو البخل أي: لا يبخل بالوحي فيزوي بعضه غير مبلغه؛ أو يسأل تعليمه فلا يعلمه؛ وهو في مصحف عبد الله بالظاء، وفي مصحف أبيّ بالضاد، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ بهما. وإتقان الفصل بين الضاد والظاء: واجب. ومعرفة مخرجيهما مما لابد منه للقارئ، فإنّ أكثر العجم لا يفرّقون بين الحرفين وإن فرقوا ففرقا غير صواب، وبينهما بون بعيد؛ فإن مخرج الضاد من أصل حافة اللسان، وما يليها من الأضراس من يمين اللسان أو يساره، وكان عمر بن الخطاب رضي اللَّه عنه أضبط يعمل بكلتا يديه، وكان يخرج الضاد من جانبي لسانه، وهي أحد الأحرف الشجرية أخت الجيم والشين، وأما الظاء فمخرجها من طرف اللسان وأصول الثنايا العليا، وهي أحد الأحرف الذولقية أخت الذال والثاء. ولو استوى الحرفان لما ثبتت في هذه الكلمة قراءتان اثنتان واختلاف بين جبلين من جبال العلم والقراءة، ولما اختلف المعنى والاشتقاق والتركيب فإن قلت: فإن وضع المصلي أحد الحرفين مكان صاحبه.
قلت: هو كواضع الذال مكان الجيم، والثاء مكان الشين، لأن التفاوت بني الضاد والظاء كالتفاوت بين أخواتهما {وَمَا هُوَ} وما القرآن {بِقَوْلِ شيطان رَّجِيمٍ} أي بقول بعض المسترقة للسمع وبوحيهم إلى أوليائهم من الكهنة.


{فَأَيْنَ تَذْهَبُونَ (26) إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعَالَمِينَ (27) لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ (28) وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ (29)}
{فَأيْنَ تَذْهَبُونَ (26)} استضلال لهم كما يقال لتارك الجادّة اعتسافاً أو ذهاباً في بنيات الطريق: أين تذهب؛ مثلت حالهم بحاله في تركهم الحق وعدولهم عنه إلى الباطل {لِمَن شَآءَ مِنكُمْ} بدل من العالمين وإنما أبدلوا منهم لأنّ الذين شاؤا الاستقامة بالدخول في الإسلام هم المنتفعون بالذكر، فكأنه لم يوعظ به غيرهم وإن كانوا موعظين جميعاً {وَمَا تَشَآءُونَ} الاستقامة يامن يشاؤها إلا بتوفيق الله ولطفه. أو: وما تشاؤنها أنتم يامن لا يشاؤها إلا بقسر الله وإلجائه.
عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من قرأ سورة إذا الشمس كوّرت أعاذه الله أن يفضحه حين تنشر صحيفته».

1 | 2